نهر الدانوب 22/2/2010

نهر الدانوب

بقلم
أحمد المسلمانى

٢٢/ ٢/ ٢٠١٠

قبالة فندق ماريوت فيينا
تقع حديقة رائعة، يقع عند سورها الأيمن فندق إنتركونتننتال وعند سورها
الأيسر هيلتون فيينا، ومن ثم فهى حديقة مناسبة تماماً لنزلاء الفنادق
المطلة من أجل التريض والتجوال.كانت الثلوج تهطل حين دلفت إلى مدخل
الحديقة، ولكن البالطو المحلاوى الذى أرتديه كان حائط صد عملاقا للرياح
والثلوج معاً.يمرق نهر الدانوب تلك الحديقة الرائعة.. ولأننى نشأت
فى بسيون على ضفاف نهر النيل، فأنا واحد ممن يرون فى الأنهار دفئاً ووطناً.لم
يكن النهر كما رأيت فى المرة السابقة، كان نصف نهر.. ذلك أن شاطئ الدانوب
كان قطعة لا نهائية من الثلج.. ثمة لوحان ثلجيان كبيران وبينهما نهر، وبدا
نصف النهر بين الثلوج كمن يبحث عن دفء أو يلتمس مرفأ ليستريح.جلست
وحدى أتأمل ذلك المشهد الساحر الساكن المهيب.. الشاطئ خال تماماً.. لا أحد
يؤنس النهر فى محنة البرد وتآكل الأطراف.. الذين عايشوه سباحة واستجماماً،
طعاماً وشراباً، وحباً وغراماً، تركوه غارقاً تحت الصفر!لم يكن
نكران الجميل جامعاً لأصدقاء النهر، ثمة من خرجوا على ذلك.. وفدٌ رائع من
البط كان يسبح فى وقار.. كأنما هو استعراض منظم فى دار للأوبرا لسباحة
هائمة على سطح نهر.أدهشنى ذلك البط المجاهد، ذلك أن البط فى قريتنا
يولى الأدبار إذا ما هطل المطر أو زادت البرودة.. كانت أمى تعلن الطوارئ فى
تلك الأجواء وتنادى حشود البط نداءها الشهير «بيتك.. بيتك»، أما البط فى
فيينا فالنهر هو الشارع والبيت معاً!قطع اندماجى فى عالم البط قدوم
رهط من الفتيات اليابانيات التائهات على الشاطئ الجليدى للنهر، وكنت المنقذ
لهن أو هكذا اعتقدت.. سألننى عن مكان يسمى «ليفى شتراوس».. وكعادتنا فى
مصر كان سؤالى وجيهاً للغاية: «هما قالوا لكم فين»، أعطيننى الخريطة وبدأن
الرسم بالأصابع والإشارة بالأقلام، وأعدت سؤالى لكن بدرجة أكثر بلاهة:
«يعنى فين من هنا».. قالت لى إحداهن: هل أنت سائح أم تائه؟، قلت
لها: لا هذا ولا ذاك.. أنا صحفى فى مهمة عمل.. سأجرى مقابلة مع الدكتور
محمد البرادعى وأعود.. سمعت إحداهن الاسم فقالت: دكتور برادعى.. إنه لم يكن
صارماً مع كوريا الشمالية.. إن كوريا تهددنا وتهدد آسيا كلها.. ولكن
الوكالة لم تفعل شيئاً. كان لدى توضيح جيد لهذه القضية لكن فقدان مصداقيتى
فيما يخص خريطة فيينا واتجاهات الدانوب جعل من الصعب علىّ أن أتحدث عن
خريطة آسيا واتجاهات الصراع. أقنعت اليابانيات بأن لدى معرفة واسعة بشؤون
عديدة ليس من بينها الطرق والمواصلات.. وعدت أدراجى إلى الطبيعة..لم
تدم متعتى طويلاً.. ذلك أن صديقى الأستاذ عمرو عبدالحميد، كبير مراسلى
«بى.بى.سى» فى مصر كان يزور دارفور.. وكان فى صحبة السيد عمرو موسى، وكانت
الطائرة على وشك السقوط.. ورغم صداقتى الوثيقة والعريقة بعمرو عبدالحميد،
غير أننى لم أشعر بالقلق، كل ما شعرت به أن عمرو الذى قضى خمسة عشر عاماً
من حياته فى مدن وبحيرات وأنهار روسيا يريد أن يقض مضجعى فى فيينا.. انتبهت
للمؤامرة وواصلت أراقب نصف النهر وأفواج البط.

مقالة رائعة جدا

» حلقة 21 / 3 / 2010
» الطبعة الاولى حلقة يوم 23/3/2010
» عن الشعب الذى لا يثور 8/2/2010
» برنامج الطبعة الأولى حلقة 24/3/2010
» مكالمة الرئيس مبارك و د. أحمد نظيف 19/3/2010